أحمد فايق يكتب: هشام جنينة.. انشر تقاريرك الآن أو لتصمت إلى الأبد

مقالات الرأي


قال إن لديه مستندات فساد فى 993 قضية نهب فيها 200 مليار جنيه

■ الرئيس مطالب بتشكيل لجنة تحقيق فورية إعمالاً بالشفافية وحتى لا تنتصر دولة الفساد ■ القضية أكبر من خلاف بين «جنينة» و«الزند» ومصداقية مؤسسات القضاء والداخلية على المحك

لقد أغلقت الدومينو، وليس هناك مجال جديد لبدء لعبة جديدة، فقد نجح المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات فى إحراج النظام كاملا، بداية من رئيس الجمهورية وحتى مؤسسات القضاء والداخلية والحكومة، الموضوع أصبح لا يحتمل مواءمات أو جلسات صلح على طريقة المقاهى، فنحن نتحدث عن مصير دولة، إما أن تنتصر دولة العدل والقانون أو تنتشر دولة الفساد لتكمل على ما تبقى من الوطن، إما أن نعرف كمصريين ماذا يحدث فى الوطن، أو يتعاملوا معنا مثلما كان يفعل مبارك، باعتبارنا عبئا على الدولة، أطفالاً لم تنضج ولا تستحق المعرفة، لقد نشر الجهاز المركزى للمحاسبات بيانا على لسان المستشار هشام جنينة، طالب فيه بتشكيل لجنة تقصى حقائق لمحاسبة كبار المسئولين فى الدولة، خاصة بعد أن كشفت العديد من التحقيقات عن وجود فساد كبير داخل الهيئات الحكومية ويتورط فيها عدد كبير من المسئولين الذين يتولون مناصب حساسة فى الدولة.

وكشف «جنينة»، أنه تقدم بأكثر من 400 بلاغ للنائب العام، ومثلها للنيابة الإدارية، إلا أن الأمر قُوبل بإهمال شديد، ولم تظهر نتائج سوى عدد قليل منها.

وطالب «جنينة» بإصدار قانون جديد يحدد راتب رئيس الجمهورية، حيث إنه رصد مخالفات عديدة فى هذا الشأن، حيث رصدت موازنة الرئاسة خلال السنة الماضية فترة رئاسة المعزول محمد مرسى قدرت بـ 303 ملايين جنيه بزيادة قدرها 44 مليونا على السنة السابقة، كما وجد مخالفة قانونية تتمثل فى أن الراتب الأساسى 44 ألفا، فهناك عجز كبير فى تلك الموازنة ومخالفة للقانون.

وأوضح «جنينة»، أن الأمر لم يقتصر فقط على رئاسة الجمهورية، وإنما كشفت تقارير رقابية حول خمسة قطاعات مختلفة بالدولة، عن وجود حوالى 70 مليار جنيه مهدرة من المال العام، دون محاسبة المسئولين عن ذلك لتوليهم مناصب رفيعة.

وقال جنينة: إن اجمالى ما تقاضاه المستشارون بالدولة خلال العامين الماضيين وصل إلى 515 مليون جنيه تم صرفها لعدد 3906 مستشارين، حصل العاملون بالجامعات على 12 مليونا والبنوك 14 مليونا والهيئات العامة 28 مليونا والهيئات القضائية 119 مليونا.

وفيما يخص القطاع الزراعى، أكد رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أن هناك حوالى 18 مليار جنيه، تم إهدارها فى هذا القطاع، نتيجة الاستيلاء على الأراضى الزراعية، أو البناء فوقها دون الحصول على تصاريح، وأن الكارثة فى ذلك الأمر هى تورط العديد من المسئولين فى ذلك من بينهم وزراء سابقون بالداخلية، وسيتم رفع تقرير بهذا لرئاسة الجمهورية لمحاسبتهم.

أما فيما يتعلق بالفساد داخل القطاع البحرى، فأكد «جنينة» أن هناك خطرا كبيرا يهدد حياة المصريين، بسبب وجود أكثر من 15 عبارة قديمة وغير صالحة للاستخدام، وأن الشركات الأجنبية فرضت هيمنتها على قطاع البحرية المصرية.

لقد تحدث رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عن فساد قدره 200 مليار جنيه، والفساد طال قطاعات كثيرة فى مؤسسات الدولة، وتعاون معه الكثيرون بمنطق سياسى، تحدثوا عن قربه من جماعة الإخوان المسلمين، وأنه لم يكن له موقف واضح من ثورة 30 يونيو، ولم يعلنه إلا بعد عام من قيام الثورة، وقالوا إنه لم يكشف سوى فساد نظام مبارك ولم يجرؤ على فتح ملفات فساد الإخوان، وفسر الكثيرون القانون الأخير الذى صدر من رئيس الجمهورية ويتيح له إقالة رؤساء الهيئات المستقلة فى حالات معينة بأنه قانون يستهدف المستشار هشام جنينة، وسمى القانون شعبيا بأنه «قانون جنينة».

هناك عشرات الاسئلة التى تدور حول الموضوع، أهمها.. هل تصريحات المستشار هشام جنينة الأخيرة يحاول بها الاستعانة بالمصريين لمواجهة الفساد.. أم أنها لعبة ذكية منه لإنقاذ منصبه؟

هل يحاول توريط الرئاسة فى قضية رأى عام يجعلها تتردد ألف مرة قبل الإطاحة به؟ أم أنه يواجه كل يوم قضية فساد.. ومؤسسات الدولة لا تستجيب له؟

هذه الأسئلة لا يجيب عنها سوى المستشار هشام جنينة، والاجابة قاطعة كاذبة عليك أن تنشر مستندات الفساد والتقارير التى تقدمت بها ببلاغات إلى النائب العام أو لتصمت إلى الابد.

إن الصحف ترحب بتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات أيا كانت خطورتها وحساسيتها وتنشرها فورا، لم تتردد جريدة فى مصر أن تنشر ملفات أى جهة، ودخلت صحف كثيرة معارك كبرى مع مؤسسات ذات سطوة مثل الداخلية، ولن نتردد فى نشر هذه التقارير لو قدمتها للرأى العام من خلالنا يا سيادة المستشار.

ما فعله هشام جنينة أغلق الدومينو وجعل رئيس الجمهورية فى اختبار صعب إما أن تنتصر دولة العدل أو دولة الفساد، قضايا الفساد التى يتحدث عنها الجهاز المركزى للمحاسبات تشمل موظفين كباراً وفى أماكن حساسة بالحكومة، وجميعهم يعملون تحت سلطة رئيس الجمهورية ولو ثبت فسادهم فعلى الرئيس إقالتهم فورا وتحويلهم إلى النيابة، يمكن للرئيس أيضا تشكيل لجنة محايدة للتحقيق، أو تشكيل لجنة لتقصى الحقائق.

إن الأهم من مواجهة الإرهاب فى مصر هو مواجهة الفساد، ومصر لن تستطيع أن تعيش كثيرا بنفس معدلات الفساد، إن الإرهاب قتل مئات المصريين والفساد قضى على الآلاف ودمر مستقبل الملايين، لقد تسبب الفساد فى أن تصبح مصر الدولة الاولى فى العالم فى كل شىء سيئ، أصبحنا الدولة الاولى على العالم فى فيروس سى وحوادث المرور والسرطان.

الفساد -بحسب كلام الجهاز المركزى للمحاسبات- طال هيئات قضائية ووزارة الداخلية، والرجل تحدث عن قضية فساد فى قصر الرئاسة فى فترة مرسى، لا أدرى لماذا لم يتم ضمها إلى قضايا محاكمة الإرهابى المعزول، الرجل تحدث عن مليون جنيه مصروفات زائدة على راتب مرسى استخدمها بشكل شخصى.. فلماذا لا يتم التحقيق فى هذه القضية؟

ولماذا لا يصدر المستشار هشام جنينة بياناً تفصيلياً بالقضية والمصروفات الزائدة.

إن بيان هشام جنينة أو تصريحاته عن الفساد فى مصر تم تلوينها على حسب السياسات التحريرية لكثير من الصحف والمواقع، مواقع الاخوان نشرت عن مطاردة هشام جنينة قضائيا وعن الفساد فى الهيئات القضائية والداخلية، وتحدثت عن بنود فساد فى أمن الدولة رغم أن هشام جنينة لم يتحدث عنها! وتجاهلت تماما أن الرجل تحدث عن زيادة فى موازنة الرئاسة فى عهد مرسى، وتلقى مرسى مخصصات تزيد على راتبه بقيمة مليون جنيه.

هناك صحف ومواقع أخرى نقلت عن تصريحات هشام جنينة كلامه فقط عن الفساد فى مؤسسة الرئاسة فى عهد مرسى، ولم تتحدث عن الفساد فى وزارة الداخلية أو النيابة.

هناك مواقع وصحف وبرامج اختصرت القضية فى مواجهة بين هشام جنينة واحمد الزند وزير العدل، وتركت الحديث عن فساد بقيمة 200 مليار جنيه.

نعم هناك خلافات عميقة بين أحمد الزند وهشام جنينة، خلافات امتدت منذ صراعات نادى القضاة، هشام جنينة كان يريد أن تتم محاسبة القاضى والنشر عنه فى وسائل الإعلام لأنه ليس سلطة محصنة من العقاب والحساب، وأحمد الزند يرى أن هذا فيه مساس باستقلالية وحرية القضاء، لقد امتد الخلاف بينهما إلى حديث عن الاستيلاء على أراض وتفاصيل أخرى لا مجال للحديث عنها.

لكن هل القضية هى مواجهة شخصية بين أحمد الزند وهشام جنينة؟

أم تجاوزت ذلك وأصبحت دولة كاملة ونظاماً على المحك أمام شخص واحد؟

هل ما حدث هو فرصة للرئيس عبدالفتاح السيسى كى يبدأ حملة لتطهير مصر إذا كان جنينة صادقا فى كلامه؟

هل هى فرصة لحرق هشام جنينة إذا كان كاذبا؟

ياسيادة الرئيس.. الصمت خطر.. والانتظار يجعل المصريين يحملون بداخلهم مرارة ستنفجر فى وجه الفساد قليلا.. لقد تغيرنا ولم نعد نصبر على فساد.. أو عدم شفافية.