عبد الحفيظ سعد يكتب: شريط فيديو يفضح لعبة تقسيم الأدوار بين داعش والإخوان

مقالات الرأي



فى التسجيل الأخير الذى بثه التنظيم لعملية الشيخ زويد الفاشلة مطالب بالإفراج عن قادة الجماعة  

منذ أن صدر التصريح الشهير لمحمد البلتاجى قبل عامين أثناء اعتصام رابعة، عقب ثورة 30 يونيو، الذى ربط فيه البلتاجى بين عودة مرسى بتوقف العمليات الإرهابية فى سيناء. وسعى الإخوان أن يتنكروا لهذا التصريح بالادعاء أن البلتاجى لم يكن يقصد فى تصريحه أن الإخوان هم من يحركون الإرهابيين فى سيناء، وأن حديثه فهم بالخطأ.

وظل الإخوان يراوغون بنفى صلتهم بالتنظيمات الإرهابية فى سيناء، من خلال البيانات الصادرة عنهم عقب كل عملية إرهابية، والإعلان عن رفضهم العمليات الإرهابية التى تستهدف الجنود فى سيناء، وظل الأمر على هذا المنوال فى التنكر الإخوانى من عمليات تنظيم ولاية سيناء «داعش»، حتى جاءت العملية الإرهابية الفاشلة التى قام بها عناصر ما يسمى تنظيم «ولاية سيناء» فى مطلع الشهر الجارى، بعد مقتل العشرات من عناصر التنظيم على يد الجيش المصرى، ونتيجة ذلك وبعد شعور الإرهابيين بخسارتهم الكبيرة، وفقدانهم نشوة الانتصار، بعد نشر المتحدث العسكرى باسم الجيش المصرى صوراً لقتلى التنظيم الإرهابى، ما اضطر عناصر التنظيم أن يقوم ببث شريط فيديو للعملية يوم الأحد الماضى، حتى يردوا على خسارتهم.

لكن تحليل شريط الفيديو الذى بثه عناصر داعش فى سيناء، حمل عدة وقائع مهمة، أولها أنه كشف عن حجم الخسائر الكبير فى عناصر التنظيم الإرهابى بالضربات القوية، وأنه منى بخسائر ضخمة، بعد أن بث الفيديو التجهيزات الكبيرة التى كان يعدها للعملية الإرهابية، لكن قبل عملية التنفيذ، بالإضافة إلى الاشتباكات الأولى، وظهر الفيديو بشكل ردىء، على عكس التسجيلات السابقة، التى كانت جودتها عالية وتحتوى على مشاهد هجومية يقومون بها.

والغريب أن الشريط الأخير لما يدعى «ولاية سيناء»، رغم أن مدته تزيد على 20 دقيقة، لم يحتو سوى على ثوان قليلة من بداية العملية وقيام عناصر بالهجوم على إحدى النقاط التابعة للقوات المصرية، وهو نفس المشهد الذى بثته قناة الجزيرة القطرية، وقت العملية أى صباح يوم 1 يوليو، وباستثناء هذا المشهد الذى بثته الجزيرة القطرية، لا يوجد أى مشاهد أخرى لمواجهات فى فيديو داعش، ما يكشف أن هناك تواصلاً مباشراً بين الجزيرة والعناصر الإرهابية التى كانت تنفذ العملية فى الشيخ زويد، بدليل أن الجزيرة لم تبث أى مشاهد أخرى للعملية، وذلك بعد الهجوم الكبير الذى شنه الجيش على الإرهابيين وأدى لمقتل عدد كبير من الإرهابيين.

وربما أدى ذلك لتدمير المواد المصورة والمعدات التى كانوا يستخدمونها فى تصوير، لأنه يتضح من الفيديو الذى بثه ولاية سيناء، أن هناك استعدادات كبيرة للتصوير، بعد أن قاموا بعملية تسجيل لحظات الاستعداد وتحركاتهم باستخدام سيارات الدفع الرباعى، ما يدل على أن هناك استعدادات أضخم لتصوير عملية الهجوم ذاتها، خاصة أنهم بثوا مواد فى بداية عملية الهجوم على أحد المواقع المصرية، وهو ما نقلته الجزيرة، لكن يبدو أن الهجوم الكبير للقوات المصرية على عناصر التنظيم أوقع فيهم خسائر كبيرة وأضاع عليهم فرصة تصوير مواد كما حدث فى العمليات السابقة التى نفذها التنظيم الإرهابى، لدرجة أن التسجيل ضم كلمة لأحد الإرهابيين قبل تنفيذه عملية تفجير قسم ثالث العريش منذ فترة كبيرة، وذلك لتعويض عدم وجود مادة مسجلة للعملية.

ما احتواه فيديو تنظيم داعش فى سيناء، لم يكشف فقط على عملية التواصل مع قناة الجزيرة، بل كشف عن مفاجأة أخرى، عندما فضح علاقة التنظيم بالإخوان وذلك فى أحد مقاطعه فى الدقيقة 15، ظهر فيه شخص ملثم ويرتدى ملابس مدنية عبارة عن بنطلون جينز و«تى شيرت» مخطط، وهو يقوم بإعداد سيارة مفخخة، تضم كمية كبيرة من المتفجرات، وظهر من لهجة الإرهابى أنه ينتمى إلى إحدى محافظات الدلتا. وعندما تحدث توعد المصريين بمزيد من «المفخخات» كل يوم، قائلاً: «نبشر إخواننا المؤمنين فى السجون أن فرج الله قريب جدا، لن نترككم بإذن الله»، ويتطابق ذلك مع الخطاب الإخوانى فى فكرة أن هناك إخوة لهم فى السجون ويتم تبرير عمليات الإرهابية من أجل الإفراج عنهم، خاصة أن تنظيم بيت المقدس لا يوجد له عدد كبير من العناصر فى السجون.

وتعد السقطة الأخيرة، فى الربط بين تحركات داعش فى سيناء وتنظيم الإخوان، كاشفة عن حجم الضربة الموجعة التى تلقاها التنظيم، ما أدى لارتباك لديه بعد خسائره الكبيرة بعد الضربة من الجيش المصرى والتى يبدو أنها لم توقع فقط عدداً كبير من القتلى بين صفوفهم، بل يتضح أنها أصابت العقول المفكرة فيهم سواء من التقنيين الذين يعدون التسجيلات، أو الذين يرتبون الخطاب الذى يظهرون به.

ويتماشى ما ظهر فى تسجيل داعش الأخير من التوحد مع خطاب الإخوان، مع التحركات الإخوانية على الأرض، وهو ما حدث فى عملية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات الذى تم بنفس أسلوب داعش فى التفجيرات، باستخدام كمية ضخمة من المتفجرات عبر سيارة مفخخة، وحدث بعده بعدها بيومين عملية التفجير الفاشلة لقسم 6 أكتوبر لكنها فشلت قبل أن تصل لمحيط القسم.

ونجد أيضا أن عملية التفجير لمبنى القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة، يوم السبت الماضى، تمت بنفس أسلوب داعش فى التنفيذ باستخدام سيارة مفخخة، وهو ما كان متوقعاً أن تقوم به عناصر للإخوان، وذلك بعد أن بثت قناة «رابعة» الإخوانية رسالة تهديد وتحذير فى نهاية يناير الماضى تحذر فيها الهيئات والقنصليات فى مصر من تنفيذ عمليات إرهابية ضدها، ليأتى التنفيذ بعدها، بعد أن توحدت تحركات الإخوان، مع خطاب داعش، وهو ما فضحه الفيديو الأخير للتنظيم.