رشا سمير تكتب: قناة السويس وحُلم الوطن
يقول الفيلسوف الفرنسى فولتير: «إن التاريخ مصنوع من صمت الأموات ولكنه صمت له ذكراه».
فالتاريخ يكتبه أشخاص تطويهم صفحاته ولكن تبقى إنجازاتهم هى صوت الذكرى الوحيد لخلود الأوطان.
هكذا أعاد لنا حفر قناة السويس الجديدة بدعم من الرئيس عبد الفتاح السيسى الأذهان لحفر قناة السويس فى عهد الخديو توفيق ثم افتتاحها فى عهد الخديو إسماعيل.
بالأمس استغرق العمل على تخطيط وبناء القناة أكثر من 15 عاما، وتوقف بناؤها عدة مرات بسبب النزاعات السياسية، ونقص الأيدى العاملة، لكن فى النهاية عندما اكتمل الحُلم غيرت هذه القناة المائية طرق التجارة والشحن العالمية.
بالأمس عارضت بريطانيا مشروع القناة وحاولت تعطيله، فقد اعتبر الكثير من رجال الدولة البريطانيين بناء القناة مخططاً سياسياً فرنسياً لتقويض سيطرة بريطانيا على الملاحة البحرية.
واعتبر السفير البريطانى فى فرنسا أن دعم بناء القناة سيعد عملاً انتحارياً، وعندما حاول ديليسبس بيع أسهم فى شركة القناة، قالت الصحف البريطانية إن المشروع هو سرقة صارخة لأموال الناس البسطاء... واستمرت الحكومة البريطانية بنقد القناة أثناء فترة بنائها.
واليوم يقف العالم كله متنمرا مترقبا منتظرا افتتاح قناة السويس الجديدة يوم 6 أغسطس 2015 الحُلم الذى وضعه الرئيس السيسى فى يد الفريق مُهاب مميش وأصبح يتابع تفاصيله بنفسه.
وعلى الرغم من أن معارضة إسرائيل لم يكن معلناً عنها إلا أن تنفيذ مشروع القناة سوف يقضى على أحلام دولة صهيون للأبد، فقد جاء مشروع قناة السويس ضربة قاضية لكل المشروعات التى تفكر إسرائيل فى إنشائها بعد إعلان الرئيس المصرى بتحويل المنطقة من مجرد معبر تجارى إلى مركز صناعى ولوجستى عالمى لإمداد وتموين النقل والتجارة.
فلا يخفى على أحد فكرة المشروع الذى تبنته إسرائيل واعتزمت تنفيذه فى ثلاث سنوات وهو مشروع إنشاء قناة مائية عميقة للملاحة التجارية العالمية قررت تسميتها «بن جوريون» لتربط بين مدينة إيلات الإسرائيلية المطلة على البحر الأحمر فى أقصى الجنوب حتى مدينة حيفا الإسرائيلية المطلة على البحر المتوسط فى أقصى الشمال، بهدف سحب التجارة الملاحية بالمنطقة من قناة السويس إليها.
لذا تسعى إسرائيل إلى عرقلة مشروع القناة بالضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لوقف المشروع من خلال تهديد مصر بقطع مساعداتها بطرق مختلفة دون أن تظهر مباشرة فى الصورة.
إن العمل يجرى اليوم على قدم وساق تحت قيادة الفريق مميش الرجل الذى استطاع أن يقود جموع العاملين بالتواجد معهم وتحفيذهم والوقوف خلفهم لكى يشعر العاملون بأن المشروع هو بيتهم الكبير وحُلم أبنائهم وأحفادهم.
هكذا لم يعد من الغريب أن تحارب كل القوى العظمى هذا المشروع العملاق، وأصبح من المتوقع أيضا أن تقوم الجماعات الإرهابية بعرقلة تلك الخطوة، خصوصا أنه لم يعد خافيا على أحد أن هؤلاء الإرهابيين يعملون لمصلحة الدول العظمى، الدول التى تخشى وقوف مصر على قدميها مرة أخرى، الدول التى تعلم تماما أن استقلال مصر اقتصاديا وسياسيا يعنى وطن عربى بمنظور جديد قوى قادر على التحدى.
إن استكمال مشروع القناة يعنى آلاف فرص العمل للشباب، يعنى تحول استراتيجياً بالمنطقة، يعنى تحطم حُلم إسرائيل.
لقد صرح الرئيس يوم التقى أبناءه فى سيناء بأنه متوقع ضربات غدر إرهابية عفنة قبل حفل الافتتاح ولكنه طلب منهم التصدى والاستماتة فى الدفاع عن الأرض.
لسوف يتحقق الحُلم بمشيئة الله.. سيخربون ويقتلون ويدمرون ويقتلعون كل ما هو جميل ولكن أبدا لن يقتلوا الحُلم.. وستبقى مصر.
ولسوف يبقى تاريخ افتتاح القناة الجديدة ذكرى فى صفحات وطن قبل التحدى.
تحية للفريق مميش وتحية لكل جنود مصر الذين شاركوا فى حفر القناة وتحية لكل رجل مصرى وقف تحت قيظ الشمس يضرب بماعوله ليكتب تاريخ مصر.. وتحيا مصر.