نادية صالح تكتب: بلد شهادات أصبح بلد شماعات
صحيح.. قمنا بثورتين.. وكان الله فى عوننا وأعطانا الهمة للخلاص من نظام شاخ فى سنواته الأخيرة وفسدت أجهزته وبعده نظام فاشٍ دينى كان يستعد لـ 500 سنة، فاشية واستبداد.. ثم سخر الله لنا بطلا وضع رأسه على كفه ووقف مع جيشه مساندا لنا واستجاب لمطالبنا فى التغيير.. كل هذا جميل والحمد لله، ولكننا شعب له طبيعة غريبة، وتركيبة عجيبة، فلماذا وبعد ثورتين مازلنا نتحايل وقل نتحامل على أنفسنا حتى لانعمل بالهمة والنشاط المطلوب لنعوض ما فاتنا ودعونا نتأمل أنفسنا لعلنا نفهم ما نحن فيه، ودعونى أذكر حضراتكم بهذه المقولة التى شاعت يوما ما.. ومؤداها أننا «بلد شهادات».. والمقصود بها أننا لانقدر إلا حامل البكالوريوس أو الليسانس، وللأسف حتى هذه المقولة ذهبت مع الريح التى أخذت التعليم وطارت وأصبحنا نبكى على جودة التعليم الذى تدنى إلى درجة الفشل، وبعد تفكير وتأمل عميق وجدت أننى يمكن أن أدعى أننا أصبحنا «بلد شماعات» أى تحولت المقولة من «بلد شهادات» إلى «بلد شماعات» فقد أصبحنا نعلق تقصيرنا فى العمل على شماعات عدة منها «شماعة الإعلام» مثلا .. الذى نتهمه بأنه يحبط الناس بخطابه اليائس والمعارض دائما.. فلا يعملون.. فهل هذا معقول؟! للإعلام دور ياسادة.. وتقصيره وارد ونحاول تصحيح دوره لكن لايمكن أن يكون سببا فى عدم قيامنا واتقاننا للعمل مثلا.
وهناك شماعة أخرى وهى شماعة عهد الرئيس الأسبق مبارك وما خلفته سنواته العشر الأخيرة من فساد ولكن وبعد أربع سنوات كان لابد أن تظهر لنا أمارات تفيد أننا نعمل بهمة وجدية لتعويض مافات من تقصير وإهمال بل نحارب الفساد بدلا من محاربة كل منا للآخر.. وأضف إلى ذلك «شماعة الحكومة» وهى شماعة مستحدثة، ورغم أن حكومة المهندس إبراهيم محلب تعمل بين الناس وتنزل إليهم لتصل إلى تحقيق مطالبهم الحقيقية والتى تلمسها بنفسها، إلا أن هذا لايرضى البعض من استعذب الخلاف أو المخالفة حتى يعرفوا ويطلبوا من الحكومة أن تكون أكثر تخطيطا وسياسة وهى فلسفة يطلقونها ويجاهرون بها أحيانا، واستمرارا فى حديث الشماعات نجد أن أحدث الشماعات هذه شماعة الرئيس السيسى وهى شماعة يدعى أصحابها أن هذا الرئيس الذى ساقته لنا الأقدار يهتم بالسياسة الخارجية أكثر من اهتمامه بأحوال الفقراء.. تصوروا؟! يا إلهى ماذا يمكن أن نقول للرجل والرئيس الذى بدأ حكمه متبرعا بنصف ما يملك إلى مصر وصندوق اسماه تحيا مصر.. الرئيس السيسى الذى قدمت حكومته نشاطا ملحوظا فى مجال التموين -رغم بعض أخطائه- وكل العمل يجرى بمنتهى النشاط، الرئيس السيسى الذى قال بالحرف الواحد يوم لقائه بثمانية وعشرين من قيادات الأحزاب السياسية: «والله والله والله.. أتمنى الموت دفاعا عن مصر، وإذا كان موتى يفيد هذا الوطن ويدافع عنه فإننى أتمنى ذلك». سلمت يارئيسنا وسلمت لمصر عاملا بطلا فى الداخل والخارج.
ولا أجد بعد هذه التأملات إلا أن أقول إنه هوبعد ثورتين يحاول الرئيس ومن معه من القيادات أن يتحايل علينا لنعمل بهمة وإتقان.. فالرجل لم يخف شيئا بل قال ومنذ اللحظة الأولى التى طالبناه فيها بتحمل المسئولية.. «ليس لدى عصا سحرية ولابد أن نعمل جميعا.. ضعوا هذه العبارة أمام أعيننا.. ودعونا نترك الشماعات.. ونضعها جانبا ونعمل من أجل الحق والخير والجمال لمصرنا الغالية.