د. أحمد يونس يكتب : أمير الشعراء بجلالة قدره يهاجم الإخوان فى قصيدة
■ عـبدالحــليم حافظ، بينما يحتفل الجميع بذكراه، قـررت أنا هكذا فجأة على ريـق النـوم أن أعترف: أنا فى هذه اللحظــة لا أحـبه كثيراً، كما اعـتدت على مدى سنوات العمر. ربما لأنه يجرجرنى إلى مشاعر لم يعد القلب قادراً عليها.
■ ■ ■
■ خلال المائة سنة الأخيرة، طرأت كـمية لا حـصر لها من التحولات فى مــصر. يتعلق معظمها بغطاء الرأس النسائي: الشابوه أو الحجاب أو الطرحة أو المنديل بؤوية أو البرنيطة القش صيفاً أو الصوف شتاءً أو النقاب أو الإيشارب أو الخمار أو البونيه أو التيربون، بالإضافة إلى ما أجهله بالطبع كرجل. أما داخـل الرأس، فلا شيء تقريباً، أو من غير تقريباً. تطهير الدماغ من فكرة الحياة فى الماضى، أو بـأثـر رجعى، يحتاج إلى زمــن لا أعرف منتهاه. الأرجح أنه قد يبدأ عندما نتوقف عن الاهتمام فقط بغطاء الجمجمة من الخارج. القمل الذى يتحصن بجلد الرأس مع بصيلات الشعر الأكــرت أو الناعــم على حــد سواء، تعرف عـجائز القرى الحكيمات أن القضاء عليه يكون بالجاز. نعــمـل إيه طيب مع اللى جـوه الدماغ؟
■ ■ ■
■ فهمى الخـولى، تحول على الفيس بوك من مخرج مسرحى إلى خبير أغذية، أو بلغة هذه الأيام: ناشط غـذائى. أى نعم، هو فى الكلام عن فــوائد الأطعمة الغنية بالألياف أو فــص التوم عــلى الريـق أو قشر الجــوافة أو الرمان المغلى أو كــيفية التخلص من الكرش فى خــمس خطوات، أصبح أســتـاذ كـــرسى فوتيه مدهب بمساند. لكننى، لعــيب ما فى شخصيتى، أفضل المخرج.
■ ■ ■
■ أنا مـا جيبتش حــاجـة من عــنـدى. القصيدة لأمير الشعراء أحمد شــوقـى بجلالة قدره. مع مراعاة أن النون الأخيرة فى نهاية الأبـيات مـنصـوبة بالألف الوصل لأنها موجهة إلى الأطفال. اقرأ وتمـعـن.
ظهر الثعلب يوماً
فى ثـيـاب الواعظينا.
ومشى فى الأرض يهذى،
ويسب الكافرينا.
ويقول أنا الإمامُ
لجميع المؤمنينا،
فاطلبوا الديك يؤذن
لصلاة الفجر فينا،
فأجاب الديك عذراً
يا أضل الفاسقينا.
مـخــطئ مـن ظن يوماً
أن للثعلب دينـا.
مـن يقصد يا ترى يا هل ترى؟ القصيدة كتبها أحمد شــوقـى قبل أن يفارق الحياة بأيــام فى 13 سبتمبر 1932، أى بعد أربع ســنوات من تأسيس الجماعة، انكشفت خلالها نوايا الإخوان الحقيقية. إنها الوصية التى تركها أحمد شــوقـى لنا. أراد أمير الشعراء- كغيره من بعيدى النظر- أن يلفت انتباهنا إلى الكارثة التى تحدق بمصر. لكننا كنا نائمين، لا فى العسل، إنما فى بـلاص المش أبودود.
■ ■ ■
■ العفاريت لو دخلت بلداً، فلن يحكمه غـيـر الجنون. العقل بالضرورة هو الفريسة الأولى بين أنياب العفاريت، كما حدث أيام الإخوان. ومع سقوطه تتقوض تباعاً سائر قوانين الحياة. شبكة العروس ستكون غـطا كــازوزة. أعضاء الأوركسترا سيعزفون على الأحذية بأقلام الروج. الجهات الأصلية أو الفرعية تتداخل مع بعضها على شكل دوائر شــبه مستطــيلة أو مثلثات، ولا يغدو هناك فـــرق بين الأعلى والأسفل. إشارات المرور تصبح كالألعاب النارية فى الأفراح. عندما تفقد البوصـلة عقلهـا تشير الإبرة إلى الجنوب. مقياس الكفاءة الوحيد عند الإنسان سيكون هو مدى قدرته على التشقــلب فى الهواء. إذا صارت الأرض فجأة هى السقف، فليس أمام الجميع سوى الوقــوف على رءوسهم. الذى يمشى على قدميه، ولا يضع الطعـام فى أنفــه، أو ينام تحت السرير، سيكون عنوانه: الغرفة رقم كذا. مستشفى الأمراض العقلية.