احمد فايق يكتب : مسافة السكة

مقالات الرأي


من السهل عليك أن تتبنى نظرية أن مصر لا علاقة لها بما يحدث فى الخارج، من السهل أن تكيل كل الاتهامات للرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذى حارب فى اليمن، من السهل أن تسمى مانفعله فى ليبيا بأنه تدخل عسكرى، ومن السهل أن تصبح خالد الذكر محمد حسنى مبارك الذى بلانا الله به وبأفكاره وسياساته التى شققت خريطة مصر، من السهل أن تكون مباركيا تقول مصر أولا وفوق الجميع ولا علاقة لنا بمحيطنا العربى ولا الإفريقى، وأن تتبرأ ممن حولك معتبراً نفسك جنسا ساميا لا يجوز أن يختلط بالدول التى حولك، من السهل أن تكون إخوانيا لا ولاء لك للوطن، تخون بلدك من أجل مصلحة جماعتك، ليست لديك حدود تحترمها أو علم تحييه أو نشيد وطنى تستمع له بل أهل وعشيرة، ومبادئ تجعل من مواطنى باكستان وإندونيسيا أقرب إليك من مسيحيى مصر.

إن جملة مسافة السكة التى قالها السيسى ليست مادة للسخرية أو كلاماً عابراً، لقد أثبت التاريخ أن كل من حكم مصر ووضعها فى إطار الدولة الصغيرة الضيقة على أهلها فشل بها وأفشلها، لقد أدرك رمسيس الثانى أن حدود الأمن القومى المصرى تبدأ من المغرب العربى غربا وفلسطين شرقا والسودان جنوبا، بعده تعلمنا من محمد على أن حدود الأمن القومى المصرى تصل إلى اليمن وإثيوبيا، وأكد عليه جمال عبد الناصر الذى عمل للأمن القومى المصرى من جنوب إفريقيا جنوبا وحتى يوغسلافيا شرقا وعمل من أجل مصر فى الهند وإندونيسيا والصين.

حتى تسير حركة التجارة فى قناة السويس يجب أن يتبقى المجرى الملاحى طوال حدودنا وحدود الغير مع البحر الأحمر خاليا، وألا يتم السماح لجهة أو عصابة أو دولة معادية بالتحكم فى مضيق باب المندب، هذا المضيق الذى أغلقته مصر فى حربى 67 و73 بقواتنا البحرية الباسلة، وتركته دولة مبارك فريسة لإيران وإسرائيل وبعض العصابات.

إن حدود الأمن القومى المصرى يجب أن تصان وتحمى على مسافة 1300 كيلو متر مربع طول الحدود الغربية مع ليبيا وألا يتم السماح لعصابات داعش والإخوان باختراق حدودنا وتهديد بيوتنا فى القاهرة، أمن بيوت مصر يجب أن يكون دستور مسافة السكة، تجعل قواتنا على استعداد للعمل داخل أى دولة فى المحيط من أجل حمايتنا.

قوات التدخل السريع التى ابتكرها الرئيس عبد الفتاح السيسى تستطيع أن تسميها جيش مسافة السكة، هى الذراع الطولى لمصر تدافع عن المصريين ضد أى عبث بأمننا القومى، نحن نطمئن أن لمصر الآن ذراع طولى تدافع عنها فى الخارج ونتمنى أن نجد ذراعاً أطول فى الداخل ذراعاً لمواجهة الفساد والتخلف والجهل، ذراعاً تحمى الشباب وتدفعهم للأمام بدلا من وضعهم فى السجون، ذراعا تدافع عن الحريات بدلا من أن تكتب قانون التظاهر، ذراعا تحاكم الفاسدين والمرتزقة الذين نهبوا مصر طوال 30 عاما، بدلا من أحكام المؤبد التى تنهال على الشباب والغارمين والغارمات، مصر تحتاج إلى جيش مسافة السكة للوقوف أمام طبقة المصالح التى تريد للفساد أن ينتشر ويتوغل، جيش يكبر الكبار على دفع الضرائب التى يحترمها الصغار، جيش يحمى أراضى مصر التى نهبها أبناء مبارك، نحتاج إلى «مسافة السكة» لحماية المصريين من الظلم أو القهر ومعاقبة القتلة.. إن حدود أمننا القومى تبدأ من الخارج لحماية الداخل، ويجب أن تصل إلى الداخل لحماية الشخصية المصرية والهوية والقومية، سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى إن مصر الآن لا تتحمل أى فشل لك، فقد وصلنا إلى نقطة إما النجاح معك أو الدخول فى فوضى لا يعلم أحد نهايتها.