نادية صالح تكتب : أيها المواطنون.. فليبق كل فى مكانه
لابد أن كبار القراء يتذكرون هذه العبارة الشهيرة: «أيها المواطنون.. فليبق كل فى مكانه» التى قالها بكل الحسم والقوة والغضب أيضاً الزعيم جمال عبدالناصر يوم حاول نفس الإخوان الخونة اغتياله فى المنشية بالإسكندرية، وأكاد أسمع واسترجع صوت الزعيم وهو يطلب من المواطنين أن يلزموا أماكنهم حتى لا يتدافعوا.. ويقع بعضهم على البعض وتسود الفوضى وتكثر وتزداد الخسائر.. ولعل الله يعطينا القدرة على سرعة التفكير السليم خصوصاً فى وقت الخطر حتى ننجو وتكتب لنا السلامة.. وأظن أننا اليوم وبعد هذه السنوات الطوال يمكن أن نستعيد هذه العبارة فى محاولة للنجاة بإذن الله.. وسبحانك يا رب نحن أمام نفس العدو الخائن ولكننا مع الحق وسيكتب لنا الخير إن شاء الله.. منتصرين على الإرهاب البغيض.. وتطبيق هذه العبارة يكون بألا يتدخل أحد فى شئون غيره بل يعمل ما يوكل إليه ويثق فى نفسه وفى غيره أيضاً.. لأننا- الآن- وصلنا إلى أن كلاً منا يعمل عمل الآخر ويتصور نفسه فى مكانه ويترك عمله.. والأدهى من ذلك أن ينتقد عمل الغير بالرفض والاتهام بدلاً من ممارسة عمله، أصبح كل منا يحادث الآخر ويحاوره مؤكداً ومتأكداً من سلامة أفكاره «هو» واقتراحاته «هو» فى كل المجالات، ولا يرى الصواب إلا فيما يقول «هو» ولا يعتد إلا برأيه «هو» ويعيب على رأى غيره.. دون أن يكون متخصصاً أو مختصاً فيما يقول بل يدعى فهمه، فالمذيع مثلاً أصبح يدعى أنه يفهم فى كل شىء والأدهى أنه يكيل الاتهامات صارخاً.. يسب ويلعن وتطير الشتائم من بين شفتيه.. يلعن إخفاق الساسة والأعمال التنفيذية التى يقوم بها الوزراء أو المحافظون على سبيل المثال، ولا يسلم الأمر من أن يطلع عليك طبيب أو مهندس أو عامل أو أى أحد معلناً للسيد المذيع استياءه من عمل الوزير «فلان» أو المحافظ «علان».. وإلى آخره من المواقع والمناصب والوظائف التى لا يفهم فيها طبعاً لأنها ليست من اختصاصه ولكن المهم أن «يفتي» أى يقدم فتواه فى كل شىء إلا شيئاً واحداً وهو عمله «هو» والذى لابد أن يجيده ويعمله باتقان.. وبالطبع يؤدى ذلك إلى إشاعة البلبلة والإحباط بين الناس فى وقت نحن أحوج ما نكون إلى الهدوء والتروى وشحذ الهمم لنقف أمام إخوة أعداء لا يعرفون للوطن قدره بل يتفننون فى خيانته واستهداف أبنائه من الشعب والجيش والشرطة.
ويا أيها السادة.. لعلها من قبيل المصادفة أن نتذكر هذه العبارة للزعيم جمال عبدالناصر ونحن نواجه تقريباً نفس الخطورة، بل نفس العدو.. فليبق كل فى مكانه عاملاً.. مجتهداً باعثاً على الأمل لا هادماً للآمال.
ويا أيها السادة.. إذا بقى كل فى مكانه يعمل لن تكون هناك هذه السفسطة ولا تلك المناقشات البيزنطية التى تضيع وقتنا فيما لا يفيد ولا يدفعنا إلى الأمام الذى نريده واللائق بنا وبتاريخ أمتنا العريق.
رسالة إلى الشاعر البطل عبدالرحمن الأبنودى وهو يحارب المرض!
شاعرنا الكبير والعظيم والبطل عبدالرحمن الأبنودي.. يعطينا درساً فى وقفته البطولية وهو يحارب الآلام بالابتسامة والفلسفة الساخرة.
ومازلت أتذكر كلمة «الأبنودي» ساخراً وهو يستقبل أحبابه أحياناً!
«يا مرحلة.. يا مرحلة» بدلاً من «يا مرحبة يا مرحبة».. عبدالرحمن الأبنودى يشهر سلاح الضحك والفلسفة الحياتية التى تهون من الألم حتى يهون، ويضحك على الألم حتى «ينكسف» من نفسه ويذهب بعيداً عن شاعرنا الحبيب.
عزيزنا وغالينا عبدالرحمن الأبنودي.. سلامتك ألف سلامة، ودمت أستاذاً ومعلماً وشاعراً فى كل شيء حتى فى حربك ضد الألم.. حماك الله وحفظك لمصرنا الحبيبة.. وصعيدك الغالي.. وللعالم العربى كله الذى يحبك ويدعو لك.. شافياً معافياً وهو على كل شيء قدير.