د.أحمد يونس يكتب : الغش حتى فى غشاء العذرية
المغفلون وحدهم هم مـن يطلقون الأعيرة النـارية فى الهواء، عندما تشــاور المـــرأة الأكــبـر سناً من الشباك بالمنديل الملطخ بالدم، احتفالاً بإثــبات أن العروس بنت بنوت. تشارك فى هذه الجــريمة المتوحشــة نسـاء يمثلن العائلتين، فـضلاً عن الشاهدات اللائى من المفترض أنهن يقفن على الحياد. ثم تنطلق الحناجر بالغناء: قولوا لابوها إن كان جعان يتعشى، ولا أكـمل بقية الأغنية لأنها بالغة الفحش. لا أحد ممن يعرفون مــصر جيداً يستطيع أن يدعى أنه لم يسمع بعين السمكة أو العــنباية التى تستعين بها العجائز فى الريف، عوضاً عن غشاء العذرية عند اللزوم. وعلى الفتاة المسكينة أن تعـيش ما بقى من حياتها أســيـرة لعقدة هذه الليلة المشــئومة التى لن تنمحى من ذاكرتها إلى الأبد.
الغش حتى فى غشاء العذرية، يظل أقل خطراً من المتاجرة بالدين المزور أو الشخصيات التقليد أو الشعارات المفرغة من المعنى. أبـو لمعة، الذى هو أبـو لمعة، مـا يجــيش حـاجـة جــنب أصــغـر إخوانجى بريالة. أبـو لمعة، فـشار مـــصر الأعـظم بعد السادات، تجاوزوه بمراحل. لولا أنهم حتى فى الكذب فاشلون. طــول النـهــار بنشرق من كــتر مـا ســيـرتنا بـقـــت على كـــل لسان.
وعلى طريقة الميديا الأمريكية التى تتفنن فى تسويق الزعامات، بوصفها نوعاً من السلع، بالضبط كما تفعل مع نجوم السينما أو لاعبى الباســكت أو البيزبول أو ملكات الجمال، جاءوا بمرسى ليرأس جمهورية مـــصر العربية. حقاً لم تستطع الميديا الأمريكـية أن تصــنع من الفــسيخ شـربات. لكنها حاولت تحسين الصورة قدر الإمكان. غير أن الفسـيخ ظل فـسيخاً، والشربات تحول إلى فسيخ.
السؤال الذى كاد يصيب قــيادات الجماعة بالجنون هـو: إشمعنى الميديا الأمريكية جـابت نتيجة مع كـــل الرؤساء إلا مرسى العياط؟ أيوه صحيح: إشمعنى؟
المشهد فى الإجمال هـو نفسه تقريباً، أو من غير تقريباً. إنه لا يختلف فــى الواقــع إلا من حيث اللحية. فضلاً عن قــليل من الفقهنة، على آيتين من القرآن يحتاج إلى ورقة ليقرأهما بلا إحساس. أصيبت بالتدهور الحاد العناصر الفنية كلها، كتكنيك الإخـراج أو التفاصيل ذات الطابع الشكلى المحض: زاوية الكاميرا أو حـجم اللقطة أو درجة الإضاءة. مـاركات الملابس أو مـكيجة الممثلين، شهدت تدنياً مخيفاً من حيث الذوق الذى أصبح بيئة البيئة.
وبالرغم من السفه الإنتاجى بغرض الإبهار، نظراً لهذه العــلاقة الغــرامية الشاذة بين أيدى المرشد وجماعته ومرسيه مع المــال العام، إثباتاً لصحة المثل القائل: من شـــبع بعـــد جوعة، ادعـــوله بثبات العقل. على الرغم من الاستعـانة بأعــداد هــائلة من الكومبارس، وبأشهر خـبراء الخدع فى هـوليوود وبهلوانات السـيرك السياسى، فلقد جاءت المحصلة النهائية نموذجاً لأفلام المقـاولات. ولم يقتصر الهبوط على الجانب الفنى وحده.
وعلى رأى المخضرمين فــى الوســط الفني: المــنتـج هو صاحب الشغل الوحيد. بدونه تبقى أضخم المشــاريع الفنية مـجرد أوهام، كمشروع النهضة. المنتج وحده يتمتع بحق الفيتو. وعلى مـن يتحدى إرادته أن يتعلم كيف يســدد- على داير مـليم- فـاتورة تحدى مافيا التكتلات الإنتاجية. يحدث هذا نفسه على نطــاق أوسع فى السياسة. لا شيء فــى الحقـيقـة يبعث على الاستغــراب، أو فليخبرنا أحـد كيف أن حـســن البنا، أو فضـيلة المرشــد- كما اشترط هو عـلى أتباعه أن ينادوه- اعتاد على تلقــى التبرعات السخية من المدير الفرنسى لشركة قناة السويس. كانت الشركة تتصرف فــى الواقــع هكذا بالنيابة عن مجمل المصالح الغربية فــى مـــصر والمـنطـقـة عموماً. بعد ذلك انتقلت تبعيته إلى السفارة البريطانية فى القاهرة. ولم تتوقف من يومــها جماعة الإخوان عن تنفيذ مخططات الأجهزة المخــابراتية فى الغرب.
قل لى مـن يمولك، أقـــل لك مـن أنت.